الخميس، يوليو 23، 2009

عندما يسبِّح الحب».. فيلم إندونيسي عاطفي في شوارع القاهرة

القاهرة: أيمن حامد
أمام قصر عابدين الشهير وسط القاهرة كان المشهد لافتا حينما كانت الكاميرا تدور كي تصور أحداث فيلم اندونيسي في القاهرة. وأمام إحدى البنايات الشهيرة وقف المخرج الاندونيسي «إيمان خير الأمم» يعيد مشاهد فيلمه بهدوء بينما ضاق المكان بطاقم العمل الاندونيسي والمصري الذي يشارك في الفيلم الذي تحظى أخبار تصويره بشعبية كبيرة في اندونيسيا، مما جعل وفدا إعلاميا اندونيسيا يرافق طاقم الفيلم أينما ذهب.
فيلم «عندما يسبِّح الحب» مأخوذ عن رواية واقعية تحكي قصة كفاح وحب اندونيسية في شوارع القاهرة، كتبها شاب اندونيسي درس في الأزهر قبل سنوات. وطوال أسبوع مضى انتقلت الكاميرا وطاقم العمل إلى المناطق التي يعيش فيها الطلبة الاندونيسيون الذين يدرسون في الأزهر الشريف ما بين الجامعة ومدينة البعوث الإسلامية وكلية البنات ومنطقة الحسين الشعبية ومسجد عمرو بن العاص. الفيلم بطولة مجموعة من الشباب الاندونيسي الذين أمام الكاميرا لأول مرة من بينهم محمد الخالدي أسد العالم الذي يلعب دور البطولة إضافة إلى أوكي ستيانا ديوي وميدا سافيرا وايليز نوران ومجموعة من الممثلين المصريين. بطل الفيلم عبد الله خير عزام هذا الشاب الاندونيسي النحيف الذي يأتي للدراسة في الأزهر، وبعد أن يتفوق في العام الأول يموت والده فجأة في اندونيسيا ويصبح هو رب الأسرة المكونة من ثلاث فتيات وأمه، ولأنه لا يستطيع العودة لاندونيسيا يبدأ في العمل بجانب الدراسة، إذ يقوم بعمل وجبات طعام اندونيسية شهيرة في مطبخ شقته المتواضعة ويدور بها على زملائه الطلاب وموظفي السفارة الاندونيسية في القاهرة، محاولة لمساعدة أسرته التي فقدت عائلها الوحيد. وبسبب انشغاله في عمله يهمل دراسته حتى أنه يظل تسع سنوات في كلية الشريعة، لكنه يفلح في تزويج أخواته البنات، وعلى هامش قصة الكفاح هذه يلتقي عبد الله فتاته «أنّا ألطف النساء» التي تدرس في كلية البنات، وتنبت بين الاثنين قصة حب بريئة لم تتعد النظرات والكلمات القليلة، لكن أنا تعود فجأة إلى اندونيسيا وتتزوج هناك. وبعد سنوات يعود عبد الله بدوره، يحاول الزواج لكنه يفشل في العثور على فتاة مناسبة، لكن الصدفة تقوده للقاء حب حياته أنّا في أحد شوارع جزيرة «جاوا» ليكتشف أنها تزوجت لكنها لم تستطع العيش مع زوجها وحصلت على الطلاق، ليقرر الاثنان الزواج كي تكتمل قصة الحب التي شهدت بداياتها شوارع مدينة نصر. حبيب الرحمن الشيرازي مؤلف الرواية وأحد أشهر الروائيين في اندونيسيا ومنطقة جنوب شرق آسيا، عاد لاندونيسيا كي يكتب ويصور واقع الوجود الاندونيسي في ردهات الأزهر، والتي تجسد تيمه يعشقها الاندونيسيون إذ تمس لديهم الوتر الديني، وكان اسم الرواية أحد أسباب الدهشة التي بددها الكاتب نفسه قائلا «أثناء دراستي في القاهرة عشت واقعا يحياه الطلبة الاندونيسيون في القاهرة، وأردت التعبير عنه، فكتبت راوية بعنوان «آيات الحب» تحولت إلى فيلم شاهده 4 ملايين اندونيسي، والآن هذا الفيلم عن روايتي أيضا، أردت من خلالها توجيه رسالة للشباب الاندونيسي كي يخرجوا لمواجهة الحياة وتحمل المسؤولية ولا ينتظرون مساعدة الوالدين، أردت أيضا تطهير الحب لأن الحب مقدس وكل الأشياء في هذا الكون تسبح لله، فكان المطلوب أن يتحول الحب إلى وسيلة من وسائل العبادة، كما أنني ـ والكلام للشيرازي ـ رغبت في حث شباب اندونيسيا على طلب العلم والسعي إليه في كل مكان في العالم». يرى الشيرازي أن الوجود الاندونيسي في مصر والعالم العربي يحوي عشرات القصص المثيرة والإنسانية التي يصلح معظمها للسينما، وأن الجمهور الاندونيسي بات يفضل هذه النوعية من الكتابة والأفلام بعدما شعر بالملل من سينما الإثارة والعري. من جانبه عبر المخرج الاندونيسي البارز إيمان خير الأمم عن سعادته بالتواجد في القاهرة حيث أماكن التصوير الحقيقية، لافتا أنه كان مصراً منذ البداية على التصوير في الأماكن التي حدثت فيها أحداث الرواية بالفعل، بخاصة أن تصوير الفيلم يحظى بمتابعة شعبية كبيرة في اندونيسيا لأن قصته جديدة ومختلفة. ويضيف خير الأمم أن الممثلين الذين يقومون بدور البطولة في الفيلم يقفون لأول مرة أمام الكاميرا، وأن اختيارهم جاء بعد إجراء مسابقة في تسع مدن اندونيسية، وكان معيار الاختيار هو الروح الدينية والالتزام داخل الفيلم وخارجه، مع الإلمام باللغة العربية كما تتطلب ظروف الدراسة في الأزهر الشريف، وأنه فوجئ بأداء الشباب الذي يدفعهم الحماس إلى الإبداع، مضيفا أن الفيلم سينتهي التصوير منه الشهر القادم ليتم عرضه في شهر مارس (آذار) القادم في اندونيسيا. ويقول خير الأمم إن هذه النوعية من الأفلام التي تحمل قيما تربوية ورسائل أخلاقية بدأت تلقى رواجا كبيرا في اندونيسيا ودول جنوب شرق آسيا أيضا بعد أن تم إنهاك المشاهد بأفلام الرعب والأكشن والجنس في وقت تلعب فيه السينما هناك دورا كبيرا في التأثير على الناس، واصفا السينما الاندونيسية بأنها سينما قوية تنتج ما يوازي 150 فيلما في العام. وعبر المخرج الاندونيسي عن تطلعه للتعاون مع السينما العربية في إنتاج أفلام عن الإسلام ورجاله على غرار فيلم الرسالة للمخرج الراحل مصطفى العقاد، قائلا إن السينما الاندونيسية لديها كافة الإمكانيات للمشاركة في أعمال سينمائية كبيرة وتحمل قيما دينية. وأثنى خير الأمم على التعاون المصري وفريق العمل الذي ساهم معه في تصوير مشاهد الفيلم في القاهرة والإسكندرية، بخاصة أنهم يتمتعون بروح احترافية وخبرة كبيرة، ونجحوا في تذليل كافة العقبات المتعلقة بالتصاريح الخاصة بالتصوير في الأماكن المختلفة، وأن هذا الأداء يعكس عراقة السينما المصرية. أما الممثلة الاندونيسية أوكي ستيانا ديوي التي تقف لأول مرة أمام الكاميرا في شوارع القاهرة فقالت إنها كانت ترغب في العمل بالسينما منذ سنوات طويلة، لكنها لم تتمكن من ذلك لارتدائها الحجاب، حتى جاءت فرصة هذا الفيلم الذي يستلزم بطولته ارتداءها الحجاب، وهذا ما يشعرها بالسعادة على حد قولها لتمازج دورها في الفيلم بحياتها وتوجهها. وعبرت ديوي عن سعادتها لتعاون كبار ممثلي اندونيسيا معها وتشجيعها على الوقوف أمام الكاميرا وفهم مفردات العمل السينمائي. وقال أسامة الجولي المخرج المصري المنفذ للعمل إنه فوجئ بلغة السينما الاندونيسية وتطورها اللافت، وكذلك المخرج خير الأمم فهو مخرج كبير في اندونيسيا وأدواته ثرية وإيقاعه في العمل مميز، واستطاع توظيف ممثلين يقفون لأول مرة أمام الكاميرا بطريقة مدهشة. وأضاف الجولي أنه استفاد كثيرا من هذه التجربة لأنها قدمت له معلومات كثيرة عن السينما الاندونيسية ومستواها الراقي مهنيا وإنسانيا

0 comments:

إرسال تعليق