بعد أن أقصي الدين الإسلامي عن الساحة الاقتصاديّة - كغيرها من الساحات - ردحاً طويلاً من الزمن.. عاد النبض الإسلامي لتنظيم مفردات الحياة في بعض الدول الإسلامية؛ خصوصاً بعد أن أثبتت السياسات الوضعيّة فشلها في غير مكان..
في إندونيسيا أثبت الفكر الاقتصادي الإسلامي نجاعةً في تنمية الموارد الاقتصاديّة وتنظيم حركة المال في المجتمع، حيثُ بلغ البنك الإسلامي الإندونيسي مطلع القرن الواحد والعشرين ليصبح محور الاقتصاد في هذا البلد المسلم.
تأسس البنك الإسلامي في إندونيسيا في مطلع العام 1980م، وليد أفكارٍ لإنشاء مؤسسات مالية إسلاميّة صغيرة مثل "بيت التمويل" وغيرها؛ حيث لمسوا الحاجة الحقيقيّة لوجود بنكٍ إسلاميٍّ ضخم يستطيع تحريك الاقتصاد الإندونيسي على أساس الشريعة الإسلاميّة.. وهذا ما كان.
المنطلقات العلميّة
نظراً لحرص الداعمين لهذه الفكرة تأسيسَ البنك وفق المبادئ الإسلاميّة؛ بدء العلماء في "مجلس العلماء الاندونيسي" يتدارسون طريقة تنمية الأموال على أساس الشريعة الإسلامية.
و في العام 1990م عقد مجلس العلماء مؤتمراً خاصّاً بفقه البنوك وأرباحها المشروعة وكل ما يدور في فلك هذه المسائل، وذلك في مدينة بوقور (Bogor)جاوا الغربية.
وكان أن أثمر عن تشكيل اللجنة الموكلة بتأسيس البنك الإسلامي لسد الحاجة مسلمي اندونيسيا.
و في الشهر الخامس من عام 1991م أعلن عن تأسيس البنك الإسلامي باسم:
"بنك معاملة اندونيسيا"
(Bank Muamalat Indonesia) و"بنك أقساط الرعية"
(Bank Perkreditan Rakyat) و "بركة الكسب والرفاهية"
.(Berkah Amal Sejahtera)
المواكبة القانونيّة
من جانبها أيّدت الحكومة الاندونيسية تأسيس هذه البنوك و ذلك بإصدار بعض القوانين البنكية التي توضح الحدود بين المعاملة الربوية و طريقة المضاربة.
وقد لبّى هذا المنهج حاجة المسلمين في إندونيسيا للحصول على الخدمة البنكية الشرعيّة، وتنظيم حركة الأرباح المالية وتنمية اقتصادهم وفق الطريقة الإسلاميّة.
وقد أتبع القانون الإندونيسي ذلك بإصدار جملةٍ من التشريعات التي تنظّم العمل الإسلامي حتى ضمن البنوك غير الإسلاميّة بحيث يُتاح للمسلم فيها اشتراط تطبيق أحكام الشريعة في معاملته الخاصة؛ وذلك عن طريق فتح قسم "معاملة الشريعة" (Unit Usaha Syariat).
يذكرُ أنّ إندونيسيا تعتبر من الدول الإسلاميّة الرائدة في المبادرة إلى تطبيق التشريعات الإسلاميّة في جُلّ تفاصيل الحكم والتقنين.
0 comments:
إرسال تعليق