ماحدث في اندونيسيا خلال عهد الرئيس الاسبق سوهارتو يكاد يكون مطابقا لما حدث في مصر خلال الثلاثين عاما الماضية من نظام فاسد وازمات اقتصادية وتفاوت ضخم في مستوي المعيشة بين الأغنياء والفقراء.
وقد شهدت اندونيسيا بعد ثورة الإصلاح التي انتهجتها قصة نجاح جديرة بالدراسة والاعجاب.
فقد استطاعت ان تقهر المصاعب وترفع من مستوي الطبقات الكادحة بعد أن كانت المعيشة متدنية للغاية فنجحت في تغطية85% من ديونها ومن المتوقع أن تقوم بسداد باقي الديون علي مشارف2014 وبذلك تدخل اندونيسيا في ذلك النادي المحدود الأعضاء المسمي بالنمور الاقتصادية.
وتدل كافة المؤشرات علي ان اندونسيا بحلول عام2025 ستكون من بين الدول التي يعتمد عليها العالم. فكيف يمكن للثورة المصرية ان تسير علي خطي ثورة الاصلاح التي قامت بها اندونيسيا والتي دعت اليها الاحزاب السياسية والاعلاميين و بعض شباب25 يناير من اجل التعرف علي الخطوات التي اتخذتها والحلول التي انتهجتها خلال السنوات الماضية.
وفي الايام الماضية اتيح لي ان اشارك في ورشة عمل اقامتها جمعية السلام للديمقراطية باندونيسيا لمدة أربعة أيام بالعاصمة جاكارتا. وكان شاغلي طوال وجودي في هذه الورشة هو التعرف علي التجربة الاندونيسية الناجحة وكيفية الاستفادة منها. وأدركت من خلال الندوة أن تركيز اندونيسيا منذ اليوم الاول لثورة الاصلاح كان علي السعي لتعديل الدستور وبدأت عملية التحضير لهذا التعديل من خلال مناقشات واسعة ضمت كافة اطياف المجتمع من اجل فهم وتحليل المشكلات التي كانت سائدة تحت ظل النظام السابق والاطلاع علي اراء المعارضين للحكومة في قضايا مثل حقوق الانسان والفساد والديمقراطية. وعلينا أن نعلم أن التعديل الدستوري لم يكن بالسهولة واليسر التي قد يتخيلها البعض في مرحلته الاولي حيث واجه أنصار الإصلاح صعوبات وخلافات في الرؤي ووجهات النظر لكنه من خلال التفاهم والقبول بالحلول الوسط تمكنت كافة الاطراف من التوصل الي صيغة ترضي الجميع وتتواءم مع الظروف التي تمر بها اندونيسيا في مرحلة الاصلاح.
ومن اهم بنود الدستور الجديد في اندونيسيا كانت تلك المتعلقة بحقوق الانسان وكذلك بدور المجتمع المدني الذي اصبح له صلاحيات كبيرة ليست فقط في مراقبة الاداء الحكومي وانما ايضا في الحفاظ علي الدستور والتصدي لأية محاولة للعودة الي الماضي تقوم بها عناصر ما يسمي هناك الثورة المضادة وهو نفس التعبير الذي نستخدمه في مصر.
وكانت الفكرة الاساسية هي وضع جدول اعمال للاصلاح الديمقراطي حيث ادركت قوي الثورة الاندونيسية ان الديمقراطية لا تتحقق بين يوم وليلة ولا توجد عصا سحرية تجعل البلاد تتحول من نظام دكتاتوري الي نظام ديمقراطي بين عشية وضحاها.
وإلي الذين يبدون القلق من تزايد عدد الاحزاب في مصر فقد فوجئت بوجود182 حزبا سياسيا في اندونيسيا ولم يتسبب ذلك في عرقلة العملية الديمقراطية بل علي العكس كانت الأحزاب أدوات لطرح الحلول والأفكار الجديدة. وخلال متابعتي للجدل والمناقشات لورشة العمل كان عقلي وتفكيري منصب علي الاوضاع في مصر وادركت ان من اهم المشكلات التي تواجهنا في مصر الان هي عدم وضوح مفهوم الديمقراطية واعتقادنا بانها مجرد انتخابات نزيهة دون ضغوط او تدخل من السلطة وهي ألف باء الديمقراطية لكنها ليست نهاية المطاف. فالتجربة الاندونيسية تدل علي ان الديمقراطية تنطوي علي تحديات شبه يومية في العمل السياسي والاجتماعي وانه لابد من وجود تخطيط واستراتيجيات من اجل تحقيق الاستقرار الذي يعتبر مفتاح الديمقراطية في كل المجتمعات. فلابد من الاستفادة من التجربة الاندونيسية لادارتنا للبلاد في هذه المرحلة الانتقالية حتي لانجد انفسنا نسير في اتجاه بعيد عن طموحاتنا.
واوجه التشابه بين مصر واندونيسيا قبل الثورة اكثر من أن تعد وتحصي من انعدام الشفافية السياسية وانتشار الفساد وغياب احترام لحقوق الانسان. كما أن اوجه التشابه كانت في القضايا المطروحة بعد الثورة. فالخلاف الذي كان دائرا في بداية عملية الاصلاح باندونيسيا كان يتمحور حول طبيعه الدولة هل تكون اسلامية ام مدنية حيث ان الشعب الاندونيسي مثل الشعب المصري بعمق الايمان والاقتناع بأن الدين يلعب دورا اساسيا في حياة الانسان فقد توصلت الاطراف الاندونيسية الي صيغة تضع مباديء واخلاقيات الدين في مكانة عالية بينما تبني المؤسسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية علي اساس مدني وتخضع للقواعد والاحتياجات المادية اليومية التي يواجها المجتمع. وخلال ثلاثة عشر عاما اي منذ بدأت ثورة الاصلاح1998 حققت اندونيسيا نجاحات مبهرة جعلت كافة المعدلات الاقتصادية ترتفع الي اعلي المستويات.
وخرجت من ورشة العمل وأنا أكثر اقتناعا بضرورة الاستفادة من تجارب الآخرين الذين مروا بمراحل التحول من النظام الدكتاتوري إلي النظام الديمقراطي ومن أهم الدول التي أقترح الامتثال بتجربتها الواعدة هي اندونيسيا.. النمر الواعد الجديد علي الصعيد العالمي.
مصدر:
وقد شهدت اندونيسيا بعد ثورة الإصلاح التي انتهجتها قصة نجاح جديرة بالدراسة والاعجاب.
فقد استطاعت ان تقهر المصاعب وترفع من مستوي الطبقات الكادحة بعد أن كانت المعيشة متدنية للغاية فنجحت في تغطية85% من ديونها ومن المتوقع أن تقوم بسداد باقي الديون علي مشارف2014 وبذلك تدخل اندونيسيا في ذلك النادي المحدود الأعضاء المسمي بالنمور الاقتصادية.
وتدل كافة المؤشرات علي ان اندونسيا بحلول عام2025 ستكون من بين الدول التي يعتمد عليها العالم. فكيف يمكن للثورة المصرية ان تسير علي خطي ثورة الاصلاح التي قامت بها اندونيسيا والتي دعت اليها الاحزاب السياسية والاعلاميين و بعض شباب25 يناير من اجل التعرف علي الخطوات التي اتخذتها والحلول التي انتهجتها خلال السنوات الماضية.
وفي الايام الماضية اتيح لي ان اشارك في ورشة عمل اقامتها جمعية السلام للديمقراطية باندونيسيا لمدة أربعة أيام بالعاصمة جاكارتا. وكان شاغلي طوال وجودي في هذه الورشة هو التعرف علي التجربة الاندونيسية الناجحة وكيفية الاستفادة منها. وأدركت من خلال الندوة أن تركيز اندونيسيا منذ اليوم الاول لثورة الاصلاح كان علي السعي لتعديل الدستور وبدأت عملية التحضير لهذا التعديل من خلال مناقشات واسعة ضمت كافة اطياف المجتمع من اجل فهم وتحليل المشكلات التي كانت سائدة تحت ظل النظام السابق والاطلاع علي اراء المعارضين للحكومة في قضايا مثل حقوق الانسان والفساد والديمقراطية. وعلينا أن نعلم أن التعديل الدستوري لم يكن بالسهولة واليسر التي قد يتخيلها البعض في مرحلته الاولي حيث واجه أنصار الإصلاح صعوبات وخلافات في الرؤي ووجهات النظر لكنه من خلال التفاهم والقبول بالحلول الوسط تمكنت كافة الاطراف من التوصل الي صيغة ترضي الجميع وتتواءم مع الظروف التي تمر بها اندونيسيا في مرحلة الاصلاح.
ومن اهم بنود الدستور الجديد في اندونيسيا كانت تلك المتعلقة بحقوق الانسان وكذلك بدور المجتمع المدني الذي اصبح له صلاحيات كبيرة ليست فقط في مراقبة الاداء الحكومي وانما ايضا في الحفاظ علي الدستور والتصدي لأية محاولة للعودة الي الماضي تقوم بها عناصر ما يسمي هناك الثورة المضادة وهو نفس التعبير الذي نستخدمه في مصر.
وكانت الفكرة الاساسية هي وضع جدول اعمال للاصلاح الديمقراطي حيث ادركت قوي الثورة الاندونيسية ان الديمقراطية لا تتحقق بين يوم وليلة ولا توجد عصا سحرية تجعل البلاد تتحول من نظام دكتاتوري الي نظام ديمقراطي بين عشية وضحاها.
وإلي الذين يبدون القلق من تزايد عدد الاحزاب في مصر فقد فوجئت بوجود182 حزبا سياسيا في اندونيسيا ولم يتسبب ذلك في عرقلة العملية الديمقراطية بل علي العكس كانت الأحزاب أدوات لطرح الحلول والأفكار الجديدة. وخلال متابعتي للجدل والمناقشات لورشة العمل كان عقلي وتفكيري منصب علي الاوضاع في مصر وادركت ان من اهم المشكلات التي تواجهنا في مصر الان هي عدم وضوح مفهوم الديمقراطية واعتقادنا بانها مجرد انتخابات نزيهة دون ضغوط او تدخل من السلطة وهي ألف باء الديمقراطية لكنها ليست نهاية المطاف. فالتجربة الاندونيسية تدل علي ان الديمقراطية تنطوي علي تحديات شبه يومية في العمل السياسي والاجتماعي وانه لابد من وجود تخطيط واستراتيجيات من اجل تحقيق الاستقرار الذي يعتبر مفتاح الديمقراطية في كل المجتمعات. فلابد من الاستفادة من التجربة الاندونيسية لادارتنا للبلاد في هذه المرحلة الانتقالية حتي لانجد انفسنا نسير في اتجاه بعيد عن طموحاتنا.
واوجه التشابه بين مصر واندونيسيا قبل الثورة اكثر من أن تعد وتحصي من انعدام الشفافية السياسية وانتشار الفساد وغياب احترام لحقوق الانسان. كما أن اوجه التشابه كانت في القضايا المطروحة بعد الثورة. فالخلاف الذي كان دائرا في بداية عملية الاصلاح باندونيسيا كان يتمحور حول طبيعه الدولة هل تكون اسلامية ام مدنية حيث ان الشعب الاندونيسي مثل الشعب المصري بعمق الايمان والاقتناع بأن الدين يلعب دورا اساسيا في حياة الانسان فقد توصلت الاطراف الاندونيسية الي صيغة تضع مباديء واخلاقيات الدين في مكانة عالية بينما تبني المؤسسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية علي اساس مدني وتخضع للقواعد والاحتياجات المادية اليومية التي يواجها المجتمع. وخلال ثلاثة عشر عاما اي منذ بدأت ثورة الاصلاح1998 حققت اندونيسيا نجاحات مبهرة جعلت كافة المعدلات الاقتصادية ترتفع الي اعلي المستويات.
وخرجت من ورشة العمل وأنا أكثر اقتناعا بضرورة الاستفادة من تجارب الآخرين الذين مروا بمراحل التحول من النظام الدكتاتوري إلي النظام الديمقراطي ومن أهم الدول التي أقترح الامتثال بتجربتها الواعدة هي اندونيسيا.. النمر الواعد الجديد علي الصعيد العالمي.
مصدر:
0 comments:
إرسال تعليق